نجح الفريق الطبي المتخصص في العناية بعيون الأطفال، في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، جزء من مبادلة للرعاية الصحية، في تشخيص دقيق لمرض نادر يصيب شبكيّة العين، على أنه هو سبب فقدان أحد المرضى الصّغار بصَره؛ وقد نجح الأطباء في أن يستعيد هذا الطفل الإبصار، بعينه اليسرى، وهي أكثر عيني الطفل الرضيع تضرراً .
فبعد خمسة أشهر من ولادة محمد عبد الله الشحي، لاحظ والداه أن العين اليسرى لابنهما الصغير قد تحولت إلى الداخل (إلى جهة الأنف). وأظهرت الاستشارات الطبية الأولية، أن الطفل الصغير كان يعاني من حَوَل في عينه اليسرى، وكان يعاني من فقدان ثانوي في البصر، بسبب انفصال الشَّبكيَّة انفصالاً خِلقيَّاً.
فما كان من الأسرة، وهم من رأس الخيمة، إلا أن سَعَوا للبحث عن رأي طبي آخر في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، وكان ذلك في شهر يوليو من العام الماضي. كشف التقييم الذي أجراه الفريق الطبي المتخصص في العناية بعيون الأطفال في المستشفى، أن الطفل، الذي كان يبلغ من العمر ستة أشهر وقتها، كان يعاني من بدايات مبكرة وغير مألوفة لاضطراب وراثي بشَبَكِيَّة العين، يُصيب الذكور بشكل حصري تقريباً. وانشقاق شَّبَكِيَّة عين الأطفال هو مرض وراثي يصيب الشَّبَكِيَّة، ويُسبِّب انقسام طبقاتها، وينتج عنه فقدان البصر. يُقَدِّر الباحثون أن واحداً من كل 25000 من الذكور، في جميع أنحاء العالم، مصاب بهذا المرض الوراثي الذي يصيب العين، وهو مرضٌ يَظهر عادةً في مرحلة متأخرة من الطفولة.
يقول عبد الله الشحي، والدُ محمد: "عندما بلغ محمد خمسة أشهر، لاحَظَتْ زوجتي أن الجزء المُلَوَّن من عينه اليسرى لم يكن في مكانه الطبيعي. فحاولت أمه أن تغطي عينه اليمنى لترى إن كانت تستجيب عينه اليسرى للأشياء المتحركة أمامه. لكنّه لم يستجب. فانتابنا خوفٌ وقلقٌ من أن يكون قد فقد بصره". ويكمل والد محمد حديثه قائلاً: "الطبيب الذي قابلناه في دبي أكَّد أن ابني يعاني من فقدان البصر بعينه اليسرى، واقترح أن نستشير أخصائي عيون؛ لذلك حجزنا موعداً في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"."
ويقول الدكتور عارف خان، طبيب عيون الأطفال، ومتخصص في علم وراثة العيون، وأستاذ طب وجراحة العيون، في معهد العيون في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، أن انشقاق شَبَكِيَّة عين الأطفال يمكن أن يخطئ الأطباءُ ويشخصونه على أنه انفصالٌ في الشَّبَكِيَّة، وسبب الخطأ هو أن مظهر الشَّبَكِيَّة ربما يكون متشابهاً في هاتين الحالتين؛ وقد يَصعُب التعرُّف على الفرق بينهما، لا سِيَّمَا في الحالات التي يُصَاب بها الأطفال مبكراً على غير العادة.
ويكمل الدكتور خان حديثه قائلاً: "تتمتع خدمة طب علم وراثة العيون، التي نقدمها في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، بخبرة واسعة في مجال اضطرابات العين النادرة والوراثية، لا سيما تلك الاضطرابات التي تؤثر على شَبَكِيَّة العين في سن الطفولة. وقد مكّننا ذلك من اكتشاف أن الرضيع كان مصاباً بانشقاق شَبَكِيَّة عين الأطفال بشكل مبكّر جدّاً، وهو مرض أدى إلى إصابة عينه اليسرى بالعمى. كما أظهر الفحص الذي أجراه أطباؤنا عن وجود انقسام الشَّبَكِيَّة، بدرجة أقل في عينه اليمنى، والى حاجته كذلك إلى نظارات لعينيه الاثنتين."
ثم يكمل الدكتور خان شرحه قائلاً إن في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، فريقاً طبياً للعناية بعيون الأطفال، وهو فريقٌ ماهرٌ ومتعدد التخصصات، ويستقبل حالات الأطفال الصغار في العيادات الخارجية لفحص عيونهم وتشخيص حالاتهم، حتى في الحالات التي قد تلجأ فيها المراكز الطبية الأخرى إلى الاعتماد على التخدير لفحص الطفل. يضم الفريق أطباء عيون الأطفال، وطبيب متخصص في علم الأمراض الوراثية التي تصيب العين، وأخصائيي تقويم البصر، وأطقم التمريض، والفنيين.
"بالنسبة لحالات الأطفال الرُّضَّع والصغار، ينبغي أن تتعامل معهم بأسلوب صحيح لتضمن أن لا ينتابهم الخوفٌ. هذا يسمح لنا بفحصهم طبياً دون الحاجة إلى تخديرهم. فنحن نجعل فحص هؤلاء الأطفال يبدو وكأنه لعبة مسلِّيةً لهم، في حين أننا في الواقع، نقوم بجمع معلومات طبية عن حالتهم الصحية".
وقد عالج الأطباءُ حالة الطفل بقطرات طبية للعين، ينتُج عنها كسر انقسام شبكيَّة العين. ولا يقل أهميةً عن هذا، أن الأطباء فصَّلوا نظارةً تناسب مقاس نظره، مع تغطية عينه اليمنى بِرُقْعَةٍ لعلاج العين اليسرى مما بها من حَوَل، وتنشيطها مما بها من كسلٍ بَصَرِي.
يقول الدكتور خان "لقد استطعنا أن نستعيد البصر للعين اليسرى، وأن نُقَوِّمَها دون جراحة. وبشكل عام، تحقق للطفل نتيجة رائعة لأن حالته شُخِّصت تشخيصاً صحيحاً ومبكّراً. كما عالج الأطباءُ انسداد الشَّبَكِيَّة، وشخصوا كذلك المشاكل الطبية الأخرى التي كانت في عينه، وعالجوها مبكراً، وهي المشاكل التي سَبَّبَها انْشِقاق الشَّبَكِيَّة. وهذا النوع من مشاكل عيون الأطفال، قد لا يَفْطِن إليه أخصائي الشَّبَكِيَّة الذي يعالج المرضى الكبار فقط."
سيحتاج محمد إلى رعاية مستمرة لضمان أن لا يضعُف بصرُه، وسيكون في حاجة إلى مواصلة العلاج للحفاظ على انكسار الانقسام الذي أصاب الشَّبكيَّة.
كما أُوصيَ والديه بإجراء فحوصات جينية لتحديد المخاطر الوراثية التي يُحتمل وجودها لدى بقية أفراد الأسرة.
يقول عبد الله الشحي: "كان تشخيص مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" شاملاً لكل صغيرةٍ وكبيرةٍ في حالة ابني، وكانت متابعة المستشفى كافيةً ووافيةً كذلك. ونشكر أطباء المستشفى شكراً جزيلاً، إذ استطاعوا أن يستعيدوا لابني بصره. إن بصر أشقاء محمد الثلاثة الأكبر على ما يرام ، ولكن إذا قررنا إنجاب المزيد من الأطفال ، فنحن الآن على دراية جيدة بالمخاطر وسنحرص حرصاً أكيداً على فحصهم للاطمئنان على بصرهم."
