بيان صحفي
أشارت نتائج دراسة حديثة أجراها باحثون من كليفلاند كلينك في الولايات المتحدة وكليفلاند كلينك أبوظبي إلى ارتفاع معدلات نجاة المصابين بسرطان الثدي عند استكمال خيارات العلاج الجراحية والكيميائية والإشعاعية ضمن مدة زمنية تقل عن 38 أسبوعًا من وقت التشخيص.
وتُعدّ الدراسة القائمة على الملاحظة، والتي شملت أكثر من 28,000 مريض بسرطان الثدي، مسجلين في قاعدة البيانات الوطنية الأمريكية للسرطان، الأكبر من نوعها لتقييم معدلات النجاة من سرطان الثدي والمدة الزمنية لاستكمال جميع العلاجات. ووجدت الدراسة أن المرضى الذين تلقوا علاجًا لمدة تقل عن 38 أسبوعًا أظهروا نتائج أفضل بالمقارنة مع نظرائهم ممن استغرقوا في العلاج مدة زادت عن 38 أسبوعًا، حيث بلغ "معدل النجاة لخمس سنوات" لدى الفئة الأولى 89.9 بالمئة مقارنة بـ 83.3 بالمئة لدى الفئة الثانية. وجاءت هذه النتائج مكملة لنتائج دراسات سابقة كانت أظهرت الحصول على نتائج علاجية أضعف عند التأخّر في بدء العلاج، وذلك بالرغم من أن الوقت المستغرق لاستكمال العلاج لم يتم تقييمه في تلك الدراسات.
ويشير واضعو الدراسة إلى أهمية تحديد أسباب التأخّر في العلاج ومكان حدوث هذا التأخر، وتصميم برامج لقياس وقت العلاج ومتابعة تحسينه بُغية الحدّ من القلق لدى المرضى وتحسين فرص بقائهم على قيد الحياة.
وقالت الدكتورة ديبرا برات مديرة مركز الثدي في مستشفى كليفلاند كلينك فيرفيو، والمؤلفة الرئيسة للدراسة، إن الاختلاف الجوهري بين دراسة كليفلاند كلينك والدراسات التي أجراها آخرون ممن بحثوا في مدة علاج المصابين بسرطان الثدي، يكمن في أن الدراسة الأخيرة بحثت في المدة الزمنية من وقت التشخيص وحتى الانتهاء من العلاج متعدد الأشكال، لا في جزء واحد منه فقط، وأنها حدّدت مدّة قدرها 38 أسبوعًا لتحسين فرص نجاة المرضى.
وأوضحت الدكتورة برات أن المرضى المصابين بسرطان الثدي وأمراض السرطان الأخرى لا يخضعون للجراحة فحسب، وإنما قد يحتاجون إلى العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي أيضًا، ما يجعل من تنظيم الخيارات العلاجية عملًا معقدًا، مشيرة إلى وجود "أسباب متعددة لحدوث التأخر في استكمال العلاج". وأضافت: "تساعدنا الدراسة في تحديد الفرص المتاحة لتحسين الرعاية الصحية المقدمة ضمن الأنظمة العلاجية".
وكانت دراسات أخرى أجريت لتقييم الوقت اللازم للعلاج الفردي لسرطان الثدي خلُصت إلى أن المدة المُثلى من وقت التشخيص إلى العلاج الجراحي الأول كانت أقل من 90 يومًا، ومن وقت التشخيص إلى العلاج الكيميائي المساعد كانت أقلّ من 120 يومًا، وأن العلاج الإشعاعي يجب أن يبدأ في أقل من 365 يومًا من تاريخ التشخيص عندما يُعطى المريض العلاج الكيميائي. وتتوافق المدتان الأخيرتان مع مؤشرات الجودة الواردة في سجل المشاركين السريريين المركزي للسرطان، والخاص بلجنة علاج السرطان.
ومضت الدكتورة برات إلى القول: "وجدنا أن الوقت الأمثل لاستكمال العلاج هو 99 يومًا أقلّ من مؤشرات الجودة الواردة في سجل المشاركين السريريين المركزي للسرطان، وقد أصبح لدينا الآن الكثير من البيانات لإعادة تقييم مؤشرات الجودة هذه وتحديد ما يجب أن تكون عليه هذه المقاييس".
ولم تسمح الدراسة للباحثين بقياس أسباب التأخّر لأكثر من 38 أسبوعًا، لكن الدكتورة برات أفادت، من تجربتها، بأن بوسعها تقسيم تلك الأسباب إلى عوامل طبية وشخصية ونظامية.
واسترسلت بالقول: "إذ كان المرضى يعانون من مشاكل طبية فقد يتعين عليهم إجراء فحوص أخرى، مثل فحص القلب، بوصفه إجراءً احترازيًا، وهذه من الأسباب التي يصعب السيطرة عليها. أما الأسباب الشخصية، فتحدث نتيجة عدم توفر القدرة المالية لدى المريض لتغطية تكاليف العلاج أو عندما يمنح المريض، مثلًا، الأولوية لحضور مناسبة عائلية ما قبل خضوعه للجراحة".
وأكّدت مديرة مركز الثدي في مستشفى كليفلاند كلينك فيرفيو، أن المرافق الطبية المناسبة يمكنها التحكّم في بعض العوامل النظامية لتسريع العلاج، كتوفر العدد الكافي من العاملين، وتحسين الأنظمة لزيادة سهولة الحصول على العلاج، مثل إجراء مواعيد خاصة لجدولة الفحوص العاجلة كالفحوص الخاصة بمعرفة قدرة المرض على الانتشار، والتصوير بالرنين المغناطيسي للثدي، هذا بالإضافة إلى تسريع الحصول على موافقات التأمين على إجراء الفحوص المطلوبة لإكمال تقييمات ما قبل العلاج.
من جانبه، قال الدكتور ستيفن غروبماير رئيس معهد الأورام في كليفلاند كلينك أبوظبي، أحد المرافق الرئيسة التابعة لشبكة مبادلة للرعاية الصحية، والمؤلف المشارك في وضع الدراسة، إنه ينبغي على المؤسسات الطبية تيسير تقديم الرعاية الصحية لمساعدة المرضى على تلقي العلاج في الوقت المحدد، وأضاف: "ما يحدث تقليديًا في الولايات المتحدة وفي دولة الإمارات وغيرهما هو أن على المريض أن يزور عدة أخصائيين، جرّاحًا ثمّ طبيب أورام مختص بالعلاج الكيميائي ثم مختص بالعلاج الإشعاعي، وكلّهم مجدولون لأسابيع ويعملون في مواقع متعددة، وهذا يُعرف بظاهرة "الرعاية المتسلسلة" التي تُتبع تقليديًا، بدلًا من الرعاية المنسقة والمخطط لها".
ومضى الدكتور غروبماير إلى أن كليفلاند كلينك حاول تجنّب هذه الظاهرة ببرامجه المنسقة متعددة التخصّصات لعلاج السرطان، مشيرًا على سبيل المثال، إلى افتتاح مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي عيادة متخصصة بصحة الثدي العام الماضي، استعدادًا لافتتاح مبنى برج السرطان. وتقدّم العيادة الفحوص التشخيصية الموجهة، والاستشارات الجينية، والعلاجات المبتكرة، وتضمّ مختصين في إعادة تشكيل الثدي وخبراء في الأمراض لمعالجة جميع مشكلات صحة الثدي في مكان واحد وفي أقصر وقت ممكن.
وأكّد الدكتور غروبماير حرص كليفلاند كلينك أبوظبي على توقع احتياجات المرضى والتخطيط لجميع علاجاتهم من البداية، لتغدو رحلة العلاج سلسة وفعالة وتضع حدًّا لقلق المرضى، مضيفًا "أننا بدأنا أيضًا في قياس الوقت اللازم للعلاج باعتباره أحد مقاييس الجودة".
أما الدكتورة برات، فأضافت من جهتها أن إجراء مزيد من الدراسات لتحديد العلاجات الأكثر تعرّضًا للتأخر سوف يساند الجهود الرامية إلى تحسين الرعاية الصحية المقدمة، وانتهت إلى القول: "كان اليوم الأخير من العلاج الكيميائي لهؤلاء المرضى إحدى نقاط البيانات المفقودة في دراستنا، لذلك لم نتمكن من تحديد مكان حدوث معظم حالات التأخر، وآمل في التمكّن من إلقاء نظرة على بيانات مرضانا لمعرفة مواضع التحديات وكيفية التغلب عليها وإصلاحها".