إن البشر ليسوا مؤهلين جيدًا للتعامل مع مثل هذا التهديد الوجودي الخطير على مدى فترة طويلة من الزمن، حيث يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم الظواهر الجوية القاسية مع الوقت مثل الأعاصير.
ووفقًا لمركز حلول المناخ والطاقة، من المتوقع أن يؤدي ارتفاع درجة حرارة العالم إلى زيادة شدة وتواتر الظواهر الجوية المتطرفة، مثل موجات الحرارة والفيضانات والأعاصير، وفي الواقع يشير التقييم الوطني للمناخ لعام 2018 إلى أن عدد وشدة موجات الحرارة والأمطار الغزيرة والأعاصير قد ازداد بالفعل.
وبين عامي 2030 و 2050، من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في حدوث ما يقرب من 250 ألف حالة وفاة إضافية سنويًا بسبب سوء التغذية والأمراض والإسهال والإجهاد الحراري.
ماذا يؤثر ذلك على الصحة العقلية؟
وفقًا لأحد التقارير، فإن 25 إلى 50 بالمائة من الأشخاص المعرضين لكارثة مناخية قاسية معرضون لخطر الآثار السلبية على الصحة العقلية، ويضيف نفس التقرير أن ما يصل إلى 54 بالمائة من البالغين و45 بالمائة من الأطفال يعانون من الاكتئاب بعد حدوث أي كارثة طبيعية.
الآثار المباشرة
بعد إعصار كاترينا على سبيل المثال، أصيب 49 في المائة من الناجين باضطراب القلق، بالإضافة إلى ذلك فقد أصيب 1 من كل 6 باضطراب ما بعد الصدمة، وتضاعفت الأفكار الانتحارية، وبعد الكوارث الطبيعية لاحظ علماء النفس ارتفاعًا في ما يسمونه تفاعلات الاستغاثة مثل الأرق، الكآبة، التهيج.
الآثار التدريجية
نظرًا لأن تغير المناخ يتسبب في تغييرات بطيئة لكوكبنا، فقد بدأنا أيضًا في رؤية تلك التأثيرات التدريجية التي تؤثر على الصحة العقلية بمرور الوقت، حيث تربط دراسة أجريت عام 2020 بين ارتفاع درجات الحرارة وزيادة خطر الوفاة بسبب الإصابات غير المقصودة والمتعمدة بما في ذلك الانتحار.
وتشير أبحاث أخرى من عام 2017 إلى وجود علاقة بين الحرارة الشديدة وزيادة التهيج والعدوانية وحتى العنف، وقد يكون هناك أيضًا ارتباط بين القلق والفصام واضطرابات الشخصية والتعرض لنوعية الهواء الرديئة ولا يزال البحث جاريًا لتحديد كيف يؤثر تلوث الهواء بالضبط على حالات الصحة العقلية.
ماذا يمكننا أن نفعل للتعامل مع تغير المناخ؟
آثار تغير المناخ باقية، ومن المحتمل أن تسوء الأمور، وقد لا تتمكن من عكس مسار تغير المناخ، ولكن يمكنك اتخاذ خطوات لحماية صحتك العقلية وهي كما يلي:
- اعترف بمشاعرك
لا بأس أن تشعر بالقلق أو الخوف بشأن كيفية تأثير تغير المناخ على حياتك أو حياة أطفالك أو الكوكب ككل، لا تخفي هذه المشاعر، بدلًا من ذلك تحدث مع الأصدقاء والعائلة قد تجد أنهم يشاركونك نفس اهتماماتك مما قد يساعدك على تقليل الشعور بالوحدة.
- دع أطفالك يعرفون أنه من الجيد التحدث عن مشاعرهم أيضًا
من الصعب الهروب من الأخبار المتعلقة بتغير المناخ، لذا من المهم السماح للأطفال بالتحدث عما يسمعونه ويشاهدونه، دعهم يطرحون الأسئلة ويجيبون بصدق، ولكن بطريقة مناسبة من الناحية التنموية.
- ضع خطة أمان
يمكن أن يجعلك تغير المناخ تشعر بأنك خارج عن السيطرة، والطريقة الفعالة لاستعادة بعض السيطرة هي أن تجعل نفسك وعائلتك أكثر مرونة واستعدادًا، مثل أن تقوم بتجهيز سيارتك ووضع خطة للطوارئ وتزويد منزلك بمستلزمات السلامة مثل طفايات الحريق والمياه والمصابيح والراديو اليدوي.
- انخرط في مجتمعك
وجدت إحدى الدراسات القديمة التي أجريت خلال موسم الأعاصير في فلوريدا أن الأماكن التي كان فيها شعور قوي بالانتماء للمجتمع شهدت انخفاضًا في ضائقة الصحة العقلية بعد العواصف.
- تعرف على المحفزات الخاصة بك
تقول ميشيل نيومان أستاذة علم النفس والطب النفسي في جامعة ولاية بنسلفانيا: "القلق عملية اعتيادية، وإذا كنت شخصًا قلقًا فأنت تميل إلى البحث عن الأِشياء التي تقلق بشأنها".
وتوصي نيومان بتعلم كيفية تحديد ما يثير تلك المخاوف، ربما تكون صورًا لمنازل دمرتها الأعاصير أو قصص حياة برية تأثرت بحرائق الغابات.
- ابحث عن رعاية صحية نفسية إذا كنت بحاجة إليها
إذا أصبحت ضغوطك المناخية أو قلقك بشأن المستقبل مستهلكًا للغاية بحيث يتداخل مع حياتك، فهناك بالتأكيد جهات مساعدة لك، حيث يمكنك التحدث مع الطبيب المختص بالصحة العقلية وهناك أيضًا مجموعات ودورات عبر الإنترنت لمساعدة الناس على التعامل مع ضائقة المناخ.