من على مدرج خورفكان، التحفة المعمارية ذات الطابع الروماني التي تطل من جبال المدينة على شواطئها، حمل النجم حسين الجسمي والنجمة أنغام جمهور الغناء العربي نحو أمسية غنائية ساحرة، وسجلا بأعمالهم التي مزجت بين عراقة اللحن وعذوبة الصوت والإحساس تاريخ أول حفل يقام على المدرج، لتعلن خورفكان بداية فصل جديد للفن والجمال في إمارة الشارقة.
وعلى أضواء المدرج والألعاب النارية التي زينت سماء المدينة وأنارت ساحلها، عاش أهالي خورفكان وجمهور الأغنية العربية ليلة لا تنسى، قدّم فيها الجسمي وأنغام مختارات من أحدث أعمالهم، وأخرى من أبرز ما غنوا خلال مسيرتهم الفنية، فلم يتوقف الجمهور الذي حجز كامل المقاعد المتاحة في المدرج عن الهتاف والتصفيق وهم يستمعون إلى روائع الجسمي (قاصد) و(أول عشق) و(الجبل)، والأغنيات التي سجلت فيها أنغام علامة فارقة في تاريخ الغناء العربي من "سيدي وصالك" إلى "حالة خاصة جداً"، وصولاً إلى "أكتبلك تعهّد".
الحفل الذي قدمته الإعلامية لجين عمران بترحيبها بالفنانين ومباركتها لأهالي خورفكان على أحدث المعالم الثقافية والفنية التي شيدت في المدينة، استهل مع النجمة أنغام، التي اعتلت المسرح بقيادة المايسترو هاني فرحات وعلى موسيقى أغنية "سيدي وصالك" التي أبدعت في تقديمها بإحساسها وصوتها العذب.
وأعربت الفنانة المصرية عن سعادتها في وقوفها لأول مرة أمام جمهورها في مدينة خورفكان قائلةً:" حظّي كبير أن أكون معكم وأحيي أول حفل غنائي يقام في هذا الصرح المعماري الجميل الذي يعكس رقي وجمال هذا البلد وشعبه الأصيل الذي تربى على الفنّ والموسيقى والقيم الإبداعية، وكلّي أمل أن يحمل العام المقبل للجميع كلّ الخير والسعادة".
وعلى أوتار العود، وصولات وجولات الكمنجات، صدحت أنغام بأغنيتها "حالة خاصة جداً" عنوان ألبومها الصادر العام الماضي لتغيّر بعدها الإيقاعات بأغنيتها الخليجية "لايقين" التي امتازت بخصوصية الألحان والتوزيع، لتشعل بعدها مدرجات المدرج بواحدة من أجمل أغنياتها "ولا دبلت".
ولم يكن الوقت عنصراً مؤثراً في الحفل لأن جمال الأغنيات وروعة الصوت حددّا توقيتاً مغايراً، لتطوي النجمة المصرية الساعات بصوتها في أغنيتين الأولى "ألف آسف"، والثانية "أناني"، قدمتهما بأسلوبها المتفرّد، لتنتقل بعدها وتشدو بأغنية "حته ناقصة" وسط تصفيق من الجمهور.
وواصلت أنغام تقديم إبداعاتها حيث حلّقت بالحضور نحو سماء الإبداع في أغنيتها العاطفية "بتوصفني بتكسفني" التي استهلتها فرقتها بمقدمة موسيقية ساحرة، لتقدّم بعدها أغنية "بعتلي نظرة"، تحية إلى روح المايسترو الراحل طارق الذي أشرف على توزيعها، أتبعتها بعمل خليجي جديد بعنوان "لا تهجي" لاقت استحساناً لدى الجمهور.
واختتمت الفنانة أنغام الحفل على طريقتها الخاصة، حيث قدّمت لجمهورها أغنيتين، الأولى كانت "أكتبلك تعهّد"، غنّتها بإحساس عالٍ صفق لها الجمهور طويلاً، أما الثانية "ياريتك فاهمني" فكانت مسك الختام، لتودّع بعدها النجمة المصرية مدينة خورفكان تاركة في ذاكرة الجمهور ليلة فنية استثنائية.
أما قطب السهرة الثاني، فهو النجم الإماراتي حسين الجسمي، الذي أطلّ على خشبة المسرح وسط عاصفة من التصفيق والهتافات، وبمرافقة فيديو يستعرض محطات من مسيرته الفنية، ليحقق وعده الذي قطعه لجمهوره بتقديم حفلٍ لا ينسى، حيث استهلّ الأمسية بقيادة المايسترو وليد فايد بأغنية "أعزّ الناس" من أشعار صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة.
وأعرب الجسمي في بداية الحفل عن سعادته الكبيرة في تواجده على مدرج خورفكان حيث قال:" شعوري لا يوصف وأنا هنا في حبيبتي خورفكان التي ولدت بها وعشت فيها أجمل سنوات عمري، وتعلمت في مدارسها، وأنشدتُ في إذاعتها، ودندنت على شواطئ بحرها وبين جبالها، وها أنا اليوم أقف بينكم ولا يوجد ما يوصف شعوري الحقيقي، شعور الابن لكل أب وأم بيننا اليوم، شعور الأخ لكل أخ فيكم، شعور الصديق لجميع الأصدقاء، وشعور الفنان الذي يتشرّف بالوقوف على أعرق المسارح العالمية ناقلاً رسالة فنّ راقٍ للشعوب".
وتابع": اليوم مشاعري بينكم مختلفة كون الحلم الذي تمنيته قبل أكثر من عشرين عاماً قد تحقق، وشاءت الأقدار أن أنال أكثر مما تمنيت بتوفيق من الله وبفضل الإرادة التي تصنع المعجزات وهي رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذي حوّل هذه المدينة لدرّة جميلة، وأتشرف بالمسؤولية التي توّجني بها سموه بالوقوف وإحياء أول حفل على هذا المسرح".
وقدّم الجسمي بما يعبّر عن المحبة والوفاء لصاحب السمو حاكم الشارقة أغنية "قادها سلطان"، ليشدوا بعدها برائعته الخالدة "قاصد" من أشعار المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، جاءت بمثابة الإهداء لأهل خورفكان.
وطاف نجم الإمارات يقدّم إبداعاته حيث غنّى لعشّاقه "مهم جداً" التي وجدت طريقها إلى قلوب مستمعيها، ليشدو بعدها برائعة الفنان الكويتي الكبير عبد الكريم عبد القادر "مرني"، ويشعل بعدها مدرجات المسرح بأغنية "ستة الصبح"، وفي مشهد فنيّ اعتاد عليه جمهوره انتقل النجم الإماراتي للعزف على آلة البيانو ويقدّم أغنية (أول عشق) من كلمات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، التي تفاعل معها الجمهور مشكّلاً لوحة بصرية بأضواء الهواتف.
وتواصل إيقاع الجمال، حيث قدّم الجسمي لعشّاقه رائعة السيدة فيروز "نسم علينا" التي صاغها بعذوبة متناهية، ليلبي بعدها مطالبات الجمهور ويشدو بأغنية "الغرقان" و"الجبل" بأسلوب متميّز، ليطرب مسامع جمهوره بموال عراقي أتبعه بأغنية "اجا الليل".
وما هي إلا لحظات حتى بدأت إيقاعات العدّ التنازلي وانطلقت الكمنجات تفتتح العام الجديد على وقع الألعاب النارية وصوت النجم الإماراتي الذي بدأ العام بغناء قصيدة صاحب السمو حاكم الشارقة "التاج".
وفي مشهد عكس وفاء ومحبة الجسمي لأصدقائه ورفاق دربه، وجّه النجم تحية لأعضاء الفرقة الموسيقية التي تأسس معها مشواره الفنّي واصفاً هذه اللحظة التي جمعتهم على مدرج المدينة حلم رافقهم منذ ثمانينيات القرن الماضي، ليختتم بعدها النجم الإماراتي الحفل بمختارات من أعماله القديمة والجديدة حيث قدّم "الشاكي"، و"بودّعك" في الوقت الذي ودّع الجمهور بـ "أما براوة" و"البنط العريض" تاركاً في أذهانهم ذكرى جميلة لا تنسى.