رحاب ضاهر – بيروت
وجدت الفنون بكل اشكالها، لتهذيب الشعوب وتنوير العقول، ونقلها من كهوف الظلام الى الحرية والانعتاق والطيران نحو النور، ولعل ارقى انواع الفنون هي الغناء والموسيقى التي تعتبر لغة الشعوب والتي لا تحتاج الى مترجم لتدخل القلب والسمع، لكن من الواضح ان نجوم عالمنا العربي "يغنون ما لايفعلون" فلم تهذب الموسيقى والفن من طباعهم البدائية ، فنجد اصحاب اعذب الاصوات يتفاخرون في لقاءاتهم لاعلامية بتصريحات "ذكورية مقيتة"، واخرهم الفنان ملحم زين الذي اعلن عن رفضه دخول ابنته مجال الغناء في برنامج " غنيللي بالجو" الذي يقدمه سام بريدي على محطة " ام بي سي".
ظهر ملحم زين كـ "ذكر شرقي" او لنقل " سي السيد " يفاخر بعنترية أنه يرفض دخول ابنته عالم الغناء، وانه لا يريدها ان تصبح ام كلثوم لسبب بسيط يتمثل في كونها فتاة، مطلقا تصريحاته التي تحمل استحقارأ لكل فنانة، ومتباهيا بهيمنته الذكورية، بحجة حماية ابنته من الوقوع في " المحظور" الذي سمح لنفسه ان يقع فيه لانه "رجل شرقي"، وان كان لم يملك الجرأة ليصرح ما هو هذا المحظورالذي يجعله يفضل نقل ابنته الى المستشفى بدلا من الغناء.
لكن زعيم الكوميديا" عادل عادل إمام، والذي يعمل ابنه رامي في مجال الإخراج وابنه محمد ممثلا، كان اكثر صراحة عندما اطلق تصريحه الشهير انه يرفض دخول ابنته سارة مجال الثمتيل لأنه رجل شرقي، و يرفض أن يرى رجلاً غريباً يقبّل ابنته على مرأى ومسمع من الجميع، في حين اباح لنفس تقبيل جميع النجمات اللواتي وقفن امامه، وكأن لسان حاله يقول " انا ابوس اه ..لكن بنتي ما تتبسش"مجسد التناقض والازوداجية بابهى صورهما.
ولا يبتعد عن هذه الذكورية " محبوب العرب " الفنان الشاب محمد عساف، الذي سبق ان صرح أنه يرفض عمل أخته في الفن واحترافها الغناء، لأن العادات والتقاليد تحول دون ذلك، وأنه يحترم عادات وتقاليد شعبه، وسبق ان فسخ خطوبته الاولى من المذيعة الفلسطينية لينا قيشاوي، لرفضه عملها واشتراطه عليها اعتزال الإعلام بشكل نهائي والابتعاد عن الأضواء بعد الزواج. وان كان كزميله ملحم زين لم يمل الجرأة ويوضح ما هي العادات والتقاليد التي تمنع على المراة احتراف الغناء .
الامثلة كثيرة للنجوم الذين لم يفقدهم بريق النجومية " ذكوريتهم الموروثة" وشخصية "سي السيد" فالعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ رفض الزواج من سعاد حسني رغم قصة الحب التي جمعتهما بسبب عملها بالفن، وكانت شخصية "سي السيد" تغلب شخصية الفنان صاحب أغاني الحب والرومانسية، وكذلك النجم الراحل احمد زكي الذي اشترط عدم عمل زوجته السابقة الممثلة الراحلة هالة فؤاد وانفصلا بسبب " شرقيته المزعومة"، وان كان بعد سنوات اعلن ندمه على موقفه هذا .
تطول قائمة النجوم الذين صادروا مواهب زوجاتهم بحجة العادات والتقاليد.
الفنان أحمد فهمي الذي يتمتع بمواهب متعددة كالغناء والتمثيل والتقديم والعزف، هو الآخر يرفض عمل زوجته في الفن، وفرض على زوجته أميرة فراج - التي تتمتع بصوت عذب وجميل- الابتعاد عن الأضواء وعدم الظهور معه في أي مناسبة وبرر ذلك بحجة انه رجل شرقي وغيور جدًّا وطبعه صعب. وتامر حسني الذي منع زوجته بسمة بوسيل من الغناء.
هؤلاء النجوم وغيرهم من الذين يتشدقون بعبارة " العادات والتقاليد" دون ان يوضحوا ما هي تحديدا هذه العادات والتقاليد، ودون ان يصرحوا ما هي " مخاوفهم" على المراة من دخول الفن ، تأتي تصريحاتهم اقرب إلى جرائم الشرف التي تبرر القتل، بحجة الدفاع عن" الشرف الرفيع "، فهم يبرروا قتل موهبة المراة بدافع " المحظور" الذي يحللوا لانفسهم الوقوع فيه ، بحجة ان " الرجل لا يعبيه شي" ، وان المرأة " عورة " يجب دفنها.